Wounded Knee
مجزرة Wounded Knee: الجرح المفتوح الذي غير وجه العدالة الأمريكية
في صباح التاسع والعشرين من ديسمبر عام 1890، وقعت واحدة من أبشع المآسي في تاريخ الولايات المتحدة: مجزرة Wounded Knee. في هذا اليوم، فتحت قوات الجيش الأمريكي النار على مجموعة من شعب اللاكوتا (Lakota Sioux) قرب مجرى ووندد ني (Wounded Knee Creek) في ولاية ساوث داكوتا، مما أدى إلى مقتل أكثر من 250 رجلًا وامرأة وطفلًا أعزل. كانت هذه المجزرة صدمة كبرى، لم تطوها صفحات التاريخ، بل أثرت بعمق على تطور القوانين المتعلقة بحقوق السكان الأصليين في أمريكا.
خلفية المجزرة
في أواخر القرن التاسع عشر، كانت حكومة الولايات المتحدة تسعى إلى إنهاء مقاومة القبائل الأصلية وإجبارها على العيش في محميات ضيقة. وسط هذا التوتر، انتشرت حركة دينية بين القبائل تُعرف بـ”رقصة الأشباح” (Ghost Dance)، والتي فُسرت خطأً من قبل السلطات الأمريكية على أنها حركة تمهيدية للثورة. أدى الخوف وسوء الفهم إلى إرسال قوات عسكرية لضبط الوضع، وانتهى الأمر بمجزرة جماعية ضد المدنيين العزل.
التأثير القانوني للمجزرة
رغم بشاعة ما حدث، لم تتم محاسبة الجنود المتورطين؛ بل مُنح عدد منهم أوسمة الشرف، مما كشف عن خلل عميق في نظام العدالة الأمريكي وقتها. ومع ذلك، كان لهذه الفاجعة أثر طويل المدى على القوانين والسياسات المتعلقة بالسكان الأصليين:
• تعزيز جهود حماية حقوق السكان الأصليين: أثارت المجزرة تعاطفًا عامًا، مما ساعد لاحقًا على الضغط لإجراء إصلاحات قانونية لتحسين أوضاع القبائل الأصلية.
• سن قانون المواطنة الهندية (1924): منحت الحكومة الأمريكية الجنسية لجميع السكان الأصليين المولودين في الولايات المتحدة، في محاولة لتخفيف التمييز القانوني ضدهم.
• صدور قانون إعادة التنظيم الهندي (1934): أوقف هذا القانون سياسة مصادرة الأراضي وأعطى القبائل حق الإدارة الذاتية، خطوة اعتُبرت جزئيًا تصحيحًا للسياسات القمعية التي أدت إلى مآسٍ مثل Wounded Knee.
• الاعتراف القانوني بثقافة السكان الأصليين: ساعدت مجزرة Wounded Knee في تعزيز المطالب القانونية بحماية الثقافات، واللغات، والطقوس الدينية الخاصة بالشعوب الأصلية.
إرث مستمر في القانون والوعي
بعد حوالي ثمانين عامًا، في عام 1973، عاد اسم Wounded Knee إلى الواجهة عندما قامت حركة الحقوق المدنية للسكان الأصليين (American Indian Movement - AIM) باحتلال الموقع لمدة 71 يومًا، مطالبين بإعادة النظر في سياسات الحكومة تجاه القبائل. هذا الحدث أكد أن جراح الماضي لم تندمل، وأعاد إحياء النقاشات حول العدالة القانونية للسكان الأصليين في أمريكا.
حتى اليوم، تُذكر مجزرة Wounded Knee كرمز للتاريخ المؤلم للشعوب الأصلية، ودافع قوي لاستمرار تطوير القوانين التي تحمي حقوق الإنسان وتضمن عدم تكرار مثل هذه المآسي.