
قانون حظر أعواد الكبريت بالفوسفور الأبيض لعام 1908


في أواخر القرن التاسع عشر, شهدت بريطانيا واحدة من أبرز فضائح العمل الصناعي، التي سلطت الضوء على معاناة النساء العاملات في مصنع "براينت آند مايز" لأعواد الثقاب, والذي كان يستخدم مادة الفسفور الأبيض شديدة السمية. كانت هذه المادة مسؤولة عن مرض خطير
-:(Phossy Jaw) (يُعرف باسم (فك الفسفور
وهو مرض مؤلم يؤدي إلى تآكل عظام الفك، وتسوس الأسنان, وتقرحات مزمنة، ورائحة كريهة, بل وحتى الوفاة في بعض الحالات. ظهر هذا المرض بشكل خاص بين العاملات الفقيرات اللواتي كن يضطررن للعمل لساعات طويلة في ظروف غير إنسانية دون أي حماية, تعرضن للاستغلال وسوء المعاملة وبعض العاملات كانوا قاصرات ورواتبهم كانت قليلة جدًا بالنسبه للساعات والظروف التي يعملن بها
كانت الفتيات يطلق عليهن "فتيات الكبريت", وعندما بدأت الأخبار تنتشر حول حالتهم الصحية المزرية، بدأ الرأي العام البريطاني في التحرك، لا سيما بعد إضراب 1888 الشهير، والذي قادته الصحفية آني بيزانت, حيث أثار الإضراب جدلًا واسعًا ودخل البرلمان البريطاني كقضية رأي عام. وقد لعب هذا الضغط الشعبي والإعلامي دورًا محوريًا في إصدار قانون "حظر الفسفور الأبيض في أعواد الكبريت" عام 1906
(The White Phosphorus Matches Prohibition Act 1906)
الذي نصّ على منع تصنيع, استيراد, وبيع أعواد الكبريت التي تحتوي على الفسفور الأبيض في المملكة المتحدة
هذا القانون جاء استجابة لحالات الوفاة والإعاقة والأمراض الخطيرة التي لحقت بالعاملات, كما أصبح لاحقًا نموذجًا تشريعياً لعدد من الدول الأخرى في تطوير قوانين السلامة المهنية
"Enola Holmes 2" يُذكر أن هذه القضية ألهمت العديد من الأعمال الفنية, أبرزها فيلم
من إنتاج نتفليكس, والذي استوحى قصته من واقع "فتيات الكبريت" وقدمها في إطار بوليسي مشوق، عبر شخصية إنولا الشجاعة التي تكشف مؤامرة في مصنع أعواد الكبريت, مما أعاد تسليط الضوء على هذه القضية التاريخية وأهميتها في مسار نضال حقوق العمال.
الفيلم لم ينقل القصة الحقيقية بحذافيرها, لكنه كان بمثابة تذكير سينمائي بتضحيات النساء العاملات, وأثر نضالهن في تغيير القوانين وتحقيق العدالة